
مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_ لاءَاتُ_لاءَاتُ ’’نتن ياهو‘‘: كَلِماتٌ حَمْقاء لَعِقَها بِكُلِّ صَغارٍ وخُنوعٍ_كَلِماتٌ_ حَمْقاء_لَعِقَها_بِكُلِّ_صَغارٍ_وخُنوعٍ
في ظل التصعيد المستمر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عُقد مؤتمر صحفي لرئيس حكومة العدو الصهيوني، بنيامين نتنياهو، الذي أطلق فيه لاءاته الخمس التي تعكس سياسته العدائية تجاه الفلسطينيين. هذه اللاءات ليست مجرد عبارات تهديد، بل تمثل استمرارية لسياسة الإبادة ضد الفلسطينيين وتحديًا صارخًا للقوانين الدولية.
تأتي تصريحات نتنياهو في وقت يحث فيه العالم على ضرورة الوقوف مع حقوق الفلسطينيين، حيث أرسل رسائل إلى الدول العربية والإسلامية وحكام التحالف الغربي، مُعلنًا عن التزامه بعدم التخلي عن سياسة القوة، موجهًا دعوات لمن يعتبرهم حلفاءه للدفاع عنه. تتناول هذه المقالة قراءة معمقة لما يتضمنه خطاب نتنياهو من تهديدات وتحديات، وتحليل للمخاطر التي يحملها ليس فقط على الفلسطينيين ولكن أيضًا على الأمن الإقليمي والدولي.
في هذا السياق، نقدّم رؤية تتناول تأثير اللاءات على الوضع القائم، ومدى قدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود أمام الغطرسة الإسرائيلية. كما سنستعرض أهمية التضامن العربي والإسلامي في مواجهة هذه التحديات وتأثير التحولات السياسية على مستقبل الصراع.
’’نتن ياهو‘‘ رئيس حكومة العدو الصهيوني و المؤتمر الصحفي
في مؤتمر صُحفي عقده ’’نتن ياهو‘‘ رئيس حكومة العدو الصهيوني بعد انتهاء القمة العربية الإسلامية في الرياض، وهو يرغي ويزبد ويهدد، ويعلن فيه لاءاته الخمس؛ التي تُمَثّل عناوين سياسته في حرب الإبادة الوحشية ضد الفلسطينيين، وقد حمل المؤتمر الصحفي رسائل إلى حكام الدول العربية والإسلامية، وإلى حكام التحالف الغربي بقيادة الولايات المتحدة، كما حمل أيضاً رسائل تحذير إلى شعوب ’’العالم الحر‘‘ وإلى الضمير العالمي المناهض للحرب، المؤيد للفلسطينيين.
لاءات ’’نتن ياهو‘‘: رؤية شاملة
لاءات ’’نتن ياهو‘‘ التي تُمثّل في جوهرها تحديا للقانون الدولي، ولكل قيم البشرية والإنسانية والسلام العالمي، طارحاً أركان سياسة خطيرة تهدد العالم كله، وقد تضمنت اللاءات ما يلي:
أولا:
لا لوقف الحرب، مُحذراً الأوروبيين من التراجع عن تأييد كيانه الغاصب أمام ضغوط أنصار فلسطين، قائلا: ’’حربنا هي حربكم، وإسرائيل يجب أن تكسب هذه الحرب من أجلها ومن أجل العالم‘‘، وأن كل فرد في ’’العالم الحُر‘‘ يقع عليه واجب أخلاقي في ضرورة تأييد حرب الكيان الصهيوني على الفلسطينيين.
ثانيا:
لا لخروج الجيش الصهيوني من غَزَّةَ، مُعِلناً أن الجيش سيواصل إخضاع قطاع غَزَّةَ لسيطرته الأمنية بعد الحرب، كما هو الحال في الضفة الغربية، لكن من المرجح أن يتضمن ذلك إقامة منطقة أمنية عازلة داخل القطاع تمتد من الشمال والشرق إلى الجنوب بعمق قد يصل إلى 4 كيلومترات، مع فرض رقابة صارمة على المنافذ البحرية.
ثالثا:
لا لبقاء فلسطينيين في أرضهم إلا بما تقبل به الدولة االعِبْرِيَّة، وقد ترك ’’نتن ياهو‘‘ ذلك غامضا، لكن التنفيذ العملي قد يتضمن إخلاء شمال غَزَّةَ من الفلسطينيين.
كما أن إنشاء منطقة أمنية عازلة يعني اقتطاع مساحة كبيرة من المناطق المأهولة قبل الحرب، تتراوح بين خُمس إلى نصف القطاع، وحرمان الفلسطينيين من العودة إليها.
رابعا:
لا لعودة السلطة الوطنية الفلسطينية إلى غَزَّةَ. وفي ذلك فإن ’’نتن ياهو‘‘ يكشف إصراره على إضعاف سلطة محمود عباس الضعيفة في الأساس، وتقسيم القضية الفلسطينية عضوياً، وإقامة إدارة تعمل على تشكيل هوية في قطاع غَزَّةَ تختلف عمَّا هي عليه في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
خامسا:
لا لخضوع لأي ضغوط دولية، حتى لو أدى ذلك إلى أن تقف الدولة االعِبْرِيَّة ضد العالم كله.
التحدي القانوني والأخلاقي
وقال ’’نتن ياهو صراحة‘‘ إنه لا لضغوط المجتمع الدولي، ولا للاتهامات الموجهة إلى الجيش الصهيوني ودولة الكيان المحتل، وقال سوف نتمسك في ’’إصرارنا على حماية أنفسنا‘‘. وقال إن الدولة االعِبْرِيَّة ’’سوف تقف بصلابة ضد العالم كله إذا كان ذلك ضروريا‘‘.
وفي محاولة منه لتمرير لاءاته إلى العقل الغربي قال: إن الدولة االعِبْرِيَّة لا تدافع عن نفسها فقط، وإنما هي تدافع عن العالم الحر، وإن انتصارها في الحرب ضد الفلسطينيين لن يكون انتصارها فقط، وإنما سيكون انتصارا لكل العالم الحر، وإن من يتراجعون عن تأييدها في الغرب مثل الرئيس الفرنسي، مخطئون وسوف تطالهم نار الإرهاب.
ووجه نداء إلى قادة الدول الغربية بأن ’’يُلقوا كل ثقلهم وراء الدولة اليهودية (حسب تعبيره) لأن انتصارها يعني انتصارا لكل العالم الحر‘‘.
وأضاف ’’أقول لرئيس فرنسا وأصدقائنا الآخرين، إننا لا نقبل دروسا أخلاقية من أحد، لأننا نستطيع أن نعيش من دون تلك الدروس‘‘.
لقد تمكنت المقاومة الفلسطينية من كسر لاءات ’’نتن ياهو‘‘ بصمودها الذي أذهل العالم، وتكتيكاتها العسكرية الفريدة التي صدمت جنرالات الصهاينة، ولكن ديمومة هذا الصمود يحتاج إلى إمدادات تسانده وتدعمه وتقف معه، وإلى فرض ضغوط فعلية مادية عربية وإسلامية، تحدُ من طغيان القوة الغاشمة الصهيونية، وتصيبها بالضرر المادي أولا، إلى جانب الضرر المعنوي.
المقاومة الفلسطينية: استجابة وصمود
واستهداف الولايات المتحدة، بضغوط وتهديدات مؤثرة، كي تكف عن تأييدها المطلق للكيان الصهيوني، ووقف تزويدها بالأسلحة والذخائر، وإنهاء تأييدها السياسي والدبلوماسي، بما في ذلك التوقف عن حمايتها باستخدام حق الفيتو، في وجه صدور أي قرار دولي ملزم بوقف إطلاق النار، وحثها على تحويل قوتها العسكرية في شرق البحر المتوسط وقواعدها في الشرق الأوسط إلى قوة لبناء وضمان السلام وليس لإشعال الحروب.
لاءات ’’نتن ياهو‘‘ محكوم عليها بالموت، إذا توفرت هذه الشروط الثلاثة: استمرار الصمود الفلسطيني، ممارسة الدول العربية لضغوط مادية ومعنوية فعلية تصيب الكيان الصهيوني بالضرر، وممارسة ضغوط فعلية على الولايات المتحدة لوقف تسليح الكيان الصهيوني، وإنهاء حمايتها دبلوماسياً بالفيتو الأمريكي في مجلس الأمن.
لقد تعهد ’’نتن ياهو‘‘ في مؤتمره الصحفي بأن تقتل الدولة االعِبْرِيَّة كل مولود يتعلم الوقوف ضدها، وأن تشرد كل شيخ يذكر اسمها أو يردده بسوء، كما توعد ’’نتن ياهو‘‘ ومن حوله بالانتقام من أي دولة في المنطقة تعارض الكيان الصهيوني بالمصير الذي تلقاه غَزَّةَ.
وقال وزير دفاعه وهو بجواره: إن ما تفعله دولة الاحتلال في غَزَّةَ، تستطيع أن تفعله في بيروت، وأرسل إشارة تعني ’’ليس بيروت فقط‘‘! هي إذاً رسالة موجهة إلى العواصم العربية، وهي رسالة تنذر بما سيكون عليه سوء الحال في المستقبل.
هكذا صار بالعرب والمسلمين العجز، إلى مَذَلَّة ما بعدها مَذَلَّة، وإلى عارٍ ما بعده عارٍ.
بهذه العنجهية الفارغة أقدم ’’نتن ياهو‘‘ على حرب الإبادة الصهيونية ضد الفلسطينيين حتى وصل إلى عُنق الزجاجة بكل تهور وتجبر وغطرسة، غير آبه بطول المعركة ونتائجها، رغم اعتقاده أن هذه المعركة قد تطول إلى أشهر، وربما إلى سنوات، وتخسر دولته خلالها الآلاف من جنوده وأسلحته ومعداته، ويكون الأمر في نهايته تدمير أحلام بني صهيون، غير آبه بكل المصير الأسود.
’’نتن ياهو‘‘ يعلم أنه كلما طالت الحرب زادت ورطة الكيان الصهيوني، وانكشف عجز الدولة االعِبْرِيَّة أكثر وأكثر أمام المقاومة الفلسطينية المتوازنة والشجاعة والقوية في غَزَّةَ والضفة الغربية والقدس الشرقية، وضعف كيانه أمام الضمير العالمي، وكلما طالت الحرب طارت رؤوس في الدولة االعِبْرِيَّة وغيرها، وتشققت جدران تحالف الحرب على الفلسطينيين.
الضغوط الدولية وأثرها
الحرب التي بدأت بإسقاط استراتيجية الردع الصهيونية كلما طالت ستعيد رسم خطوط توازن القوى في الشرق الأوسط والعالم، وقد اعترف رئيس الأركان الأمريكي الجديد الجنرال تشارلز براون، بأنه كلما طال أجل الحرب في غَزَّةَ زادت صعوبتها، وأن الكيان الصهيوني حدد هدفاً واسعاً جداً لهذه الحرب، في مقابل التضحيات والصمود والإقدام والشجاعة التي تجلت في تصدي المقاومة الفلسطينية لآلة الحرب الصهيونية المتطورة، حيث يُقدم المقاومون الفلسطينيون أيضا مثالاً نادراً على تحملهم النزيف في الدم والأرواح، على ألّا ينزفوا شرفا وكرامة.
ويخطئ ’’نتن ياهو‘‘ إذا اعتقد أن الحرب هي نهاية السياسة، وأنه لا سياسة بعد الحرب، وسواء تعلق الأمر بالغزو العسكري لقطاع غَزَّةَ، أو بالغارات اليومية على الضفة الغربية والقدس الشرقية، بواسطة كل من الجيش وقطعان المستوطنين، فإن حروب المدن بشكل عام تختلف عن الحروب النظامية وحروب المواقع الثابتة، من حيث أن سيطرة الطرف المعتدي على موقع أو مساحة من الأرض، لا تعني انتصاراً على الطرف المدافع، بل إن ذلك يجعله هدفا أسهل للصيد.
ليس ذلك فقط، بل إننا في حرب غَزَّةَ نعرف أن المقاتلين الفلسطينيين لم يستخدموا بعد قوتهم الضاربة، وأنهم استعدوا لحرب طويلة الأجل، وقد أثبتوا حتى الآن أنهم قادرون على جعل فتحات الأنفاق فوهات براكين لتدمير القوات الصهيونية على الأرض، وأنهم مستمرون في الوصول إلى داخل الكيان الصهيوني بصواريخهم وطائراتهم المسيرة، وربما بعمليات عسكرية خاطفة.
ومع كل التضحيات والصمود، فإنهم يقدمون أيضا مثالاً نادراً على تحملهم النزيف في الدم والأرواح، على ألا ينزفوا شرفا وكرامة، والحرب الصهيونية على الفلسطينيين لم ولن تحقق أهدافها، فلا هي حققت للكيان الصهيوني استعادة المحتجزين، الذين كانوا هدفها الأول، ولا الغلبة على الأرض مع دخولها أسبوعها السابع، رغم التفوق العسكري الساحق، والحماية الأمريكية لها بحراً وبراً وجوا.
ولكل هذه الأسباب فإن الخطاب السياسي والإعلامي لرئيس حكومة الحرب الصهيونية ’’نتن ياهو‘‘ يبدو هائجا يائسا وخاليا من العقل، حتى وصل به الأمر إلى التهديد بالوقوف في وجه العالم كله!
لاءات ’’نتن ياهو‘‘ ومزاعمه وأكاذيبه أبشع مما لقيت الولايات المتحدة في حروبها العدوانية على حقوق الشعوب، وكانت أبعد ما تكون عن قيم السلام والحرية والعدل والديمقراطية، ولهذا فإن ضمير شعوب العالم الحُر يقف بصلابة ضد الحرب، ومع حق الشعب الفلسطيني في حريته وتقرير مصيره بنفسه.
المصدر
القدس العربي – 14/11/2023م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تقدير_موقف_محمد_فاروق_الإمام_ لاءَاتُ_لاءَاتُ ’’نتن ياهو‘‘: كَلِماتٌ حَمْقاء لَعِقَها بِكُلِّ صَغارٍ وخُنوعٍ_كَلِماتٌ_ حَمْقاء_لَعِقَها_بِكُلِّ_صَغارٍ_وخُنوعٍ


