الجمعة, نوفمبر 14, 2025
spot_img
الرئيسيةتحليل سياسيدروس من معركة طوفان الأقصى

دروس من معركة طوفان الأقصى

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_ناجي_خليفة_الدّهان_دروس_من_معركة_طوفان_الأقصى

تُعد معركة طوفان الأقصى التي اندلعت في السابع من أكتوبر 2023 نقطة تحول حاسمة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث كسرت هذا الحدث معايير القوة والتفوق العسكري التي استمر الكيان الصهيوني في الترويج لها على مدى عقود. في ظل حالة من الجمود الاستراتيجي التي سادت المشهد، تمكنت المقاومة الفلسطينية من انتزاع زمام المبادرة، مُعلنةً عن ولادة مرحلة جديدة من الصراع تتميز بالقدرة على مواجهة أعتى القوى العسكرية.

بينما تسعى إسرائيل لفرض سياستها عبر القوة، أسفرت هذه المعركة عن تعريتها للكثير من الحقائق الكامنة وراء طبيعة احتلالها. إذ أصبحت المقاومة ليست مجرد رد فعل، بل قوة فاعلة ومؤثرة، رافعةً شعار الكرامة والسيادة. في هذا المقال، نستعرض معالم هذه المعركة وما حققته من إنجازات، فضلاً عن الدروس المستفادة التي ينبغي على الشعوب والأمم أخذها بعين الاعتبار في صراعها من أجل الحرية.

معركة طوفان الأقصى: تحول تاريخي في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي

كانت معركة طوفان الأقصى هي المعركة الأبرز على مدى المئة عام الماضية من حيث التطوّر النوعي في أدائها قياساً إلى الحروب والعمليات السابقة ضدّ الكيان الصهيوني، فمنذ أن جاء الاستعمار البريطاني إلى الأرض المحتلة عام 1917م حتى الآن لم يمتلك الشعب الصامد زمام المبادرة! معركة ٧ أكتوبر؛ أضاعت على الكيان الصهيوني فرصة المبادرة، وبعثرت أوراقه، ووأدت خطتّه في جُحورها المظلمة، وجعلته في موقف ردِّ الفعل وليس فاعلاً كما ألفناه طوال عقود، وهذا يجعلنا نرفع القبّعة للمقاومة الباسلة (حماس، والقسام)، على براعة التخطيط، وقوة التنفيذ وإرباك العدو.

بماذا تميّزت معركة طوفان الأقصى عن المعارك السابقة؟

السيناريوهات الأمريكية الصهيونية في التعامل مع غَزَّةَ:

حدّدت القيادة الصهيونية شروطًا لتحقيق النصر على المقاومة الفلسطينية في غَزَّةَ، وكان يعتقد الجيش الإسرائيلي بأنه من أجل تحقيق أهداف الحرب عليه أن يوسع هجومه البريّ في قطاع غَزَّةَ، وحدّد ثلاثة شروط للانتصار على المقاومة في غَزَّةَ فضلاً عن السيناريوهات الأمريكية في التعامل المقاومة، وهذه السيناريوهات:

السيناريو الأول: إخراج قيادات المقاومة من غَزَّةَ أو تصفيتهم.

السيناريو الثاني: تطويل عمر المعركة وصناعة اضطرابات في داخل غَزَّةَ وذلك بإحكام الحصار على الشعب وتجويعه.

السيناريو الثالث: احتواء حركة حماس والمقاومة من طرف أمريكا وإنهاء فاعليتها في القضية، وذلك ضمن إطار عربي رسمي لحفظ ماء الوجه، بحيث يكون منسجما مع الترتيبات الأمريكية المنتظرة.

لقد مضى أكثر من 150 يوماً على معركة الكرامة (طوفان الأقصى) ولم يتمكّن الكيان الغاصب وحلفائه ومن لفّ لفّه ووقف في صفه من تحقيق وعودهم وأحلامهم، بل أوهامهم، في كسب المعركة والانتصار على إرادة المقاومة الحرّة!

بل انتصر الحقّ، وها هو الكيان المغتصب يتمزّق شرّ ممزقٍ، تعصف به رياحُ التفكك والتناحر الداخلي ، لذلك سارع الإعلام الأمريكي لترميم الوضع وترقيع الصورة الداخلية من خلال الانتخابات وسط تصاعد التأييد العالمي للقضية الفلسطينية من كلّ شعوب العالم حتى في عقر دارهم وفي وسط أمريكا، وعدة القضية الفلسطينية إلى الحياة من جديد وظهرت على الواجهة بقوة رغم كلّ التضليل الإعلامي المتحيز، والدعم الغربي اللامحدود للكيان الغاصب.

دروس من معركة طوفان الأقصى:

منذ السابع من أكتوبر لم يَعد العالم كما كان ولن يعود، ومهما حاول البعض التقليل من شأن هذا الحدث الكبير لن يفلحوا ذلك لأنه الحدث الذي زلّزل الكيان الصهيوني ومن يقف معه، بل وأصابه في مقتل، ومرّغ أنفه في التراب، وحَطَّم الأسطورة التي نسجها من وحي خياله ’’بأنه الجيش الذي لا يُقهر‘‘.

والدرس الأكبر الذي نتعلمه من غَزَّةَ العزّة، ومن معركة طوفان الأقصى، هو أن نحيا كراماً أو نموت صامدين واقفين كأشجار الزيتون. فرغم إحكام الحصار الخنادق ورغم الدعم الغربي غير المحدود ورغم تخاذل العرب، فقد حققّت معركة طوفان الأقصى مكاسب لم تحقّقها كلّ المعارك السابقة وحتى تلك التي اشتركت فيها الجيوش العربية!

من هذه النتائج:

1-ظهرت المقاومة الفلسطينية بأنها تقود المشهد العسكري والسياسي والإعلامي، وظهرت إسرائيل بموقف المتلقي للصفعات،  

2-فضحت أخلاقيات الاحتلال الذي يستخدم قوته ضدّ المدنيين العزّل في الوقت الذي يتهرب من مواجهة رجال المقاومة الفلسطينية.

3-عجز الكيان الصهيوني عن تحقيق أيّ نصر عسكريّ حتى يومنا هذا، فأسرف في قتل المدنيين وهدم بيوتهم

4-عجز العدو عن كسر إرادة الغزّاويّين في الوقت الذي دمّر فيه البنى التحتية

5-استمرار المقاومة بالتصدّي الناجح لكل محاولات الاقتحام والهجوم البرِّيَّة،

6-نفّذت عمليات قصيرة في داخل معسكرات العدو وتمّ اقتناص الكثير من الضباط والجنود فضلاً عن الاستيلاء على العديد من الآليات العسكرية والدبابات…

7-نصبت الكثير من الكمائن الناجحة التي دمَّرت سُمعة الجيش الذي لا يُقهر.

8-أظهرت في قطعان الجيش الصهيوني وهم يلوذون بالفرار أمام ثبات المقاتلين.

9-استخدمت المقاومة الحرب النفسية ونجحت في انهيار إرادة الجندي اليهودي

10-أجبرت الكيان على إجراء صفقات تبادل بين الأسرى.

11-إغلاق مطار بن غوريون والمدارس والمصانع ووضع الدولة كلها تحت رحمة صواريخ القسام.

12-إظهار عجز حكومة نتنياهو حيث لم يحقق أيّ وعد من وعوده.

13-تحريك المجتمع الدولي الذي كان نائماً طيلة عقود.

14-انهيار الكيان الصهيوني من الداخل، وهو من أهم ثمار (معركة طوفان الأقصى) والدليل صدور قرارات عدّة في إقالة بعض القائدة وهروب عدد كبير منهم. وتقاذف التُّهم بالتراجع عن الاشتباك مع مقاتلي الفصائل الفلسطينية في غَزَّةَ إلى ما يشبه التمرّد داخل الجيش الصهيوني.

15-إسقاط مسارات أوسلو، وخيارات التطبيع.

16-اختيار الكفاح المسلّح طريقاً للتحرير بعيداً عن الجيوش العربية التي ظهرت بأنها لا تُمثّل أي تهديد لإسرائيل!

إن الأوضاع بعد ٧ أكتوبر لن تكون كما كانت قبله، ويجب أن يفهم المحتل ذلك جيداً، ولا يراهنوا على نجاح أيّ عمليّة في غَزَّةَ.

إن نتيجة الطوفان تتلخص بزلّة لسان نتنياهو حين قال: ( إن مهمتنا اليوم هي الحفاظ على وجود الدولة، وأنّ المقاومة الفلسطينية باتت تهدّد وجود إسرائيل) وهذا اعتراف بأن العدو يشعر بالهزيمة. وبأن المبادأة الاستراتيجية تتحوّل بسرعة لصالح المقاومة وأن مستقبل إسرائيل في خطر وأن قضيّة الرهائن أهون من خطر زوال دولة إسرائيل.

وكلنا أمل في أن تزول وتُمحى، بل بدأنا نستأنس بتنبؤ الشيخ أحمد ياسين رحمه الله بقرب زوال إسرائيل وذلك في أثناء تفسيره لسورة الإسراء. وما ذلك على الله بعزيز!

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_تحليل_سياسي_ناجي_خليفة_الدّهان_دروس_من_معركة_طوفان_الأقصى

مقالات ذات صلة