الجمعة, يناير 24, 2025
spot_img
الرئيسيةمقالات سياسيةهل بات شبح تقسيم سورية واقعٌ لا بُدَّ منه؟!

هل بات شبح تقسيم سورية واقعٌ لا بُدَّ منه؟!

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_بات_شبح_تقسيم_سورية_واقعٌ_لا_بُدَّ_منه

تتناول الأوضاع الحالية التقسيم السوريمن التحديات الكبيرة التي تواجه البلاد نتيجة الحرب المستمرة منذ عقد. تعاني سورية من انقسام حاد بين مكوناتها القومية والدينية نتيجة التدخلات الدولية والإقليمية، مع وجود معسكرين رئيسيين: الأمريكي والروسي. استفاد الأكراد من غياب الدولة لتأسيس إدارة ذاتية في شمال وشرق البلاد، مما أدى إلى استقرار نسبي في تلك المناطق مقارنة بالمناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد. بينما تتضارب المصالح الروسية والإيرانية، يبدو أن المرحلة الحالية ستستمر في الحفاظ على واقع سورية كدولة غير مستقرة، بعيدًا عن أي حلول قانونية أو دستورية.

تحديات التقسيم في سورية في الأوضاع الحالية

الأوضاع التي آَلَتْ إليه سورية وإطلالة شبح التقسيم الرسمي الذي يواجه البلاد في المستقبل، وذلك في ظل التقسيم المفروض بِحُكْمِ الأمر الواقع في الوقت الحالي.

ووسط كَمٍ هائل من التدخلات الدولية والإقليمية تجد سورية نفسها الآن في مواجهة انقسام مرعب بين مكوّناتها القومية والدينية والطائفية والسياسية، وذلك بعد عَقْدٍ من حرب النظام المجرم على شعبه الذي انتفض للحصول على الحرية المصادرة والكرامة المُداسة والعدالة الاجتماعية المفقودة.

الانقسام بين القوى العالمية

ويمكن الملاحظة وبوضوح انقسام المتصارعين في سورية إلى معسكر أمريكي وآخر روسي، لتصطف خلفهما قوى أخرى عالمية تتخندق حسب مصالحها الأمنية والاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى الدول الإقليمية، وبالتحديد إيران وتركيا اللتين تتصارعان في المشهد السوري المُوَزَّع بين أطماع مُعَممي قُمْ، والحفاظ على الأمن القومي التركي.

وفي خِضَمِّ ذلك شَكَّلَت كل من هذه القوى تحالفات استراتيجية وتكتيكية على الأرض وفي الجوار، بالاعتماد على الدول العربية وعلى القوات المحلية كشريك تنفيذي لمخططات المحور الذي تتبعه، وحيث تجمعهما المصالح والتقاطعات المشتركة أيضا.

الإدارة الذاتية الكردية

وكان المستفيد الأول من غياب الدولة والقانون في سورية هم الأكراد الانفصاليون الذين سارعوا بتأسيس إدارة ذاتية في شمال وشرق البلاد، حيث الثروات الهائلة من الغاز والنفط والقمح والقطن، وبسطوا هيمنتهم على بعض المدن العربية مثل منبج وتل رفعت وضموها إلى إدارتهم الذاتية، وذلك في إطار مشروع قومي كردي انفصالي بدعم من الإدارة الأمريكية والأوروبية.

وتَجلَّى هذا الدعم بوضوح في ما قَدَّمَهُ التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية ’’داعش‘‘ لهذه الإدارة، عَقِبَ هجوم التنظيم على مدينة كوباني في العام 2015م.

الوضع الأمني والاقتصادي

ولعلَّ مناطق الإدارة الذاتية الكردية تشهد استقراراً ملحوظاً وتنمية مقبولة مقارنة مع المناطق التي يسيطر عليها نظام مجرم الحرب بشار الأسد، فهي تشهد فَلتاناً أمنياً وأزمة اقتصادية خانقة، ولاسِيَّما بعد تطبيق قانون العقوبات الأمريكي قيصر، وقانون البنتاغون، إلى جانب الخلافات البَيْنِيَة التي تَظهر داخل النظام نفسه، وبينه وبين حلفائه من الروس والإيرانيين، حيث تتضارب مصالحهما في الكثير من النقاط.

الدور الروسي والإيراني

وقد سَهَلَّت كل من موسكو وطهران للأسد بَسْطَ نفوذ حكومته على أجزاء من البلاد وإنْ بشكل متفاوت، حيث لا تزال سيطرته على مناطق مثل البادية في الوسط، وسيطرة رخوة على درعا والسويداء في الجنوب، إضافة إلى أجزاء من محافظات حِمص وحماة وحلب، ومحافظتي اللاذقية وطرطوس، ومناطق من دير الزور والحسكة، فيما حافظت فصائل الثورة على الشمال السوري المحرر (مناطق في محافظة حلب ومحافظة إدلب) بدعم من تركيا. 

ومنذ عام 2015م وحتى الآن ثبّتت روسيا في سورية موطئ قدم كبير، وبينما جعلت من نفسها طرفا أساسيا في أي مسار سياسي يؤدي إلى الحل، كما انتشرت عسكرياً في مناطق متفرقة أبرزها قاعدة حميميم ومرفأ طرطوس، كما هيمنت على قطاعات اقتصادية رئيسية بموجب عقود طويلة الأمد.

وهذا الوضع المريح لموسكو جعلها تُنَفِّذُ الكثير من الاعتداءات على مناطق واسعة من محافظتي حلب وإدلب بشكل يومي إرضاء للنظام المجرم وبطلب منه.

ولا تسيطر موسكو بالكامل على بشار الأسد بل تتنافس على النفوذ مع إيران، لكنها لا تزال الشريك الأكبر في التحالف الروسي – السوري – الإيراني.

كما أن طموحات موسكو محدودة أكثر من دمشق أو طهران، مما يجعلها أكثر قابلية لحل الصراع حلاً تفاوضياً إذا ما اتجه إلى ذلك.

كما كان للدور الذي لعبته الفصائل الرافضية التي شَكَّلَتْهَا قُمْ لحماية الأسد والحيلولة دون سقوطه أن جعلت من إيران ذات شأن في مناطق سيطرة النظام المجرم، حيث تسرح وتمرح في العديد من مناطق سيطرة النظام الفاجر المجرم وتبث سمومها في عقول أبنائنا القُصّر والمحتاجين للمال في تشييعهم وتبديل دينهم عن جهل، وتحويل المساجد في كثير من المدن السورية إلى حسينيات تَبُثُّ الفجور والشِّرْكَ فيها، كما حَوَّلت دُور الثقافة والتعليم إلى معاهد تُدَرِّسُ الدين الشيعي الذي يناقض ما جاء في القرآن والسُنّة، إضافة إلى عَقْدِ اتفاقيات مع النظام السوري المجرم، ووضع يدها على الكثير من الأصول والمشاريع الحيوية السورية.

تأثير الإدارة الأمريكية

وكان لِوصول جو بايدن إلى سُدَّةِ الرئاسة في واشنطن بعض التفاؤل لدى السوريين بإمكانية حدوث تغيير، غير أن ذلك بات مستبعدا في الوقت الراهن، لانشغال بايدن في الحرب الروسية الأوكرانية، والعدوان الصهيوني على غَزَّةَ.

ومن خلال جملة من المعطيات والأحداث على الأرض ومن خلال ملامح سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة، فإن من المُرَجَّح أن تكون المرحلة الحالية والممتدة لفترة ليست بالقصيرة مرحلة الحفاظ على الواقع الحالي كما هو، أي سورية الدولة واللا دولة في آن واحد، وبتعبير آخر سورية المُقَسَّمَة بِحُكْمِ الواقع بعيداً عن القانون والدستور.

ختاما

تُظهر الأوضاع في سورية أن التحديات التي تواجه البلاد تتطلب حلولًا شاملة تعيد الاستقرار وتؤسس للعدالة. مع استمرار الانقسام بين القوى المتصارعة والتدخلات الخارجية، يبقى الشعب السوري ضحية لهذه الصراعات. من الضروري أن يعمل المجتمع الدولي على تقديم الدعم الفعّال لدفع العملية السياسية نحو الأمام، مع التركيز على حماية حقوق المواطنين. كما يجب أن تكون هناك آليات قانونية واضحة تساهم في إعادة بناء الدولة وضمان عدم تكرار المآسي السابقة. إن استعادة سورية كدولة ذات سيادة يتطلب إرادة جماعية من جميع الأطراف المعنية.

المراجع

العرب- 10/6/2022م.

مركز_أمية_للبحوث_والدراسات_الاستراتيجية_مقالات_سياسية_محمد_فاروق_الإمام_هل_بات_شبح_تقسيم_سورية_واقعٌ_لا_بُدَّ_منه

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات